[i]رن الجرس معلناً نهاية الحصة الأخيرة من يوم الجمعة .. و غداً سيكون يوم اجازة أخيراً ..!
حملت حقيبتي و سرت مغادراً الصف بسرعة لكن ماكس لحق بي وهو يقول : ريكايل على رسلك لما أنت مستعجل ؟!..
التفت ناحيته عندها بابتسامة : عذراً ماكس .. يجب أن أعود للمنزل بسرعة ..! أراك يوم الأثنين القادم ..!
اسرعت الخطى بعدها للبوابة .. أني اشعر بالنشاط لمجرد التفكير في أني سأرى ريكايل بدون كتاب في يده أخيراً ..!
حين اقتربت من البوابة رأيت يوجين يقف هناك كعادته كل يوم .. ذلك ما جعلني امشي بهدوء و أتجاهل نظراته المحدقة بي كنسر يراقب فريسته ..!
ما إن مررت بقربة حتى تمتم بصوت اسمعه : لا تقترب من ريا ..!
لم أرد عليه بل تجاهلته .. فهو يقول هذه الجملة كلما مررت بقربه .. يبدو أن اهتمامه بريا كبير و ليس كأي أخوين آخرين .. فحتى هي لم أسمعها يوماً تناديه باسمه بل كانت تردد " أخي .. أخي " طيلة الوقت ..!
لأنسى أمر هذا المعتوه الآن و أتابع طريقي ..!
وصلت للعمارة بعد السير لثلاث دقائق رغم أني استغرق خمس دقائق بالعادة ..!
حين وصلت إلى هناك اسرعت ناحية المصعد و حين فتح خرجت منه السيدة آنيا و الدموع في عينيها .. كالعادة ..!
اثار ذلك تعجبي : سيدة آنيا .. ما بك ؟!..
نظرت إلي للحظات وهي تقول : ليو سيجلطني !!..
باستنكار قلت : ماذا فعل هذه المرة ؟!..
استرسلت بالحديث كما هو المعتاد : أتصل بي مدير مدرسته و طلب مني القدوم حالاً .. يقول بأنه تشاجر مع مجموعة من الصبية المشاكسين و تبادلوا الضربات ..! أن أبني هذا بالكاد يحصد الدرجات العلمية حتى يسبب المتاعب أيضاً !!.. ماذا أفعل أنا إن كان لا يستمع لي ؟!.. كله بسبب والده لو أنه لم يتشاجر معي و ينفصل عني لكان الولد بأمان الآن !!.. إن مدير مدرسته لا يكف عن القول بأنني السبب لأني انفصالي عن والده هو السبب في جعله متمرداً هكذا !!.. أخبرني ماذا أفعل لينك ؟!..
تنهدت عندها رأفت بحال هذه المسكينة : الأفضل أن تذهبي الآن لتري ما فعل بالضبط فقد يكون مظلوماً .. رغم أني لا اعتقد هذا ..! و حين تعودان حاولي أن توضحي له خطأه بهدوء ..! و لا تتشاجري معه كما يحدث دائماً ..!
أومأت إيجاباً بحزن و هي تقول : سأذهب الآن .. و أرجوا أن تسير الأمور على خير ..!
تجاوزتني عندها و قد بقيت أنا أتابعها بنظراتي ..!
المسكينة .. إن ولدها هذا كارثة تتجول فوق سطح الأرض .. ألا يكفي طريقة تعامله معها ؟!.. و فوق هذا يسبب لها المشاكل في كل مكان ..!
انه يحتاج لصفعة توقظه مما هو فيه ..!
ركبت المصعد و طلبت الدور الخامس .. الأفضل أن أنسى أمره الآن فأنا ليس بيدي فعل شيء لذلك الأحمق المعتوه ..!
حين وصلت للدور الخامس .. رأيت أربعة أقزام يخرجون من شقتنا ..!
آركيف .. ايميلي .. لين و لوسيان ..!
انتبهت لين إلي فأسرعت ناحيتي : مرحباً لينك ..!
ابتسمت لها بهدوء : مرحباً لين الصغيرة .. كيف حالك ؟!..
بمرحها ذاته قالت : بخير .. أتعلم لقد دعانا رايل لتناول الكعك بعد عودتنا من المدرسة ..!
لقد باتوا هم أيضاً ينادونه رايل !!..
هذا طبيعي فهو اسهل في النطق بالنسبة للأطفال ..!
جثيت أمامها و أنا أقول : و هل كان لذيذاً ؟!..
أومأت إيجاباً بمرح فشاركها الآخرون ذلك حيث قالت ايميلي بسعادة : و قد قدم لنا عصير البرتقال أيضاً ..!
و بدأوا يثنون على طعم الكعكة الصغيرة و العصير كذلك حيث بدا انهم سعيدون للغاية بها ..!
نظرت إلى لوسيان عندها : لقد ذهبت أمك لمدرسة ليو يا لوسيان .. فهل ستبقى وحدك في المنزل ؟!..
أومأ سلباً : بابا قدم إلى هنا هذا الصباح وهو في المنزل الآن ..!
هكذا إذاً .. هذا يعني أن ليونيل سيبيت عندنا هذا المساء ..!
ودعني الأطفال عندها وهم يسيرون تباعاً باتجاه الدرج بقيادة آركيف : و الآن إلى شقة الجدة مادلين .. لقد خبزة البسكويت هذا الصباح ..!
أردفت أيملي هي الأخرى : حين تعود الآنسة ماندي من الجامعة لنذهب إليها و نأكل الماكرون .. لقد سمعتها تقول لأمي بأنها ستصنع الماكرون الملون اليوم ..!
أهو يوم الحلويات و أنا لا أعلم ؟!..
عموماً أنا لا ألوم هؤلاء الصغار فجل تفكيرهم يتركز على هذه الأمور ..!
ابتسمت و أنا أراقبهم ينزلون الدرج و يتناقشون بشأن الحلويات التي يحبونها .. ليتني حظيت بطفولة كتلك ..!
صحيح أني كنت ثرياً و مدللاً و أحصل على ما أريد .. لكني لم املك الأصدقاء قبل لوي .. فحتى دايمن لم أكن أعده صديقاً في طفولتي ..! صحيح أننا لعبنا معاً كثيراً لكننا كنا نتشاجر طيلة الوقت ..!
لقد كنت أذهب مع أمي إلى كل مكان .. نسافر من بلد لآخر و نستمتع معاً .. لكني لم أشعر يوماً بالسعادة لأني حصلت على قطعة حلوى ..!
عموماً لا يمكنني أن أتذمر .. فوجود أمي إلينا بجواري كان يغنيني عن كل شيء ..!
التفتت و نظرت للسماء حينها .. أن شوقي لها يزداد يوماً بعد يوم .. لكني لن أجعل فراقها يحبط من عزيمتي .. فأنا يجب أن أكون أقوى كي لا أخيب ظنها بي ..!
أخذت نفساً عميقاً كي استرجع روحي و دخلت للمنزل ..!
كان الهدوء يسود المكان و لكني لم أنطق بحرف .. سرت ناحية المطبخ حين سمعت صوت الماء فرأيت ريكايل يقف قرب الصنبور مشمراً عن كميه و يقوم بجلي الصحون التي أكل فيها جماعة أقزام الحلوى تلك الكعكة ..!
تركت حقيبتي أرضاً و سرت بخطوات هادئة كي لا ينتبه لي فهو كان يعيرني ظهره .. و ما إن صرت خلفه حتى قفزت عليه و عانقته و أنا أهتف : مباااارك !!!!!..
شهق بفزع لحظتها : لينك !!.. منذ متى و أنت هنا ؟!..
ضحكت بخفة و أنا أقول : منذ لحظات .. لكنك لم تنتبه لي ..! تهانينا ..!
ابتسم عندها : على ماذا ؟!..
- على انتهاء امتحاناتك ..!
- شكراً .. تبدو سعيداً بالأمر ..!
- بالتأكيد .. فقد انتهت امتحاناتك على خير قبل أن تتحول لدودة كتب !!..
- أكنت قلقاً بهذا الشأن ؟!..
- أجل .. خشيت أن أفقدك يوماً و أبحث عنك لأجد دودةً خضراء بنظارات فوق كتاب الكيمياء !!..
ضحك عندها بشدة وهو يقول : سيكون ذلك مرعباً ..!
تركته عندها و أنا أقول : اليوم سنخرج معاً و نتجول في كل مكان و سأتكلم حتى أفقد صوتي .. كتعويض عن الأسبوعين الماضين ..!
بذات ابتسامته الهادئة سأل : أكنت تشعر بالضجر إلى هذا الحد ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. فأنا كلما أردت أن أحدثك بأمر أجد أنك قد فتحت كتاباً ما و بدأت تسترجع المعلومات .. ذلك كاد يقتلني !!.. لقد احتملت هذا الوضع لأسبوعين و لو أنه زاد ساعةً واحدةً لانفجرت ..!
- لقد عشت بدوني سبعة عشر عاماً في السابق ..!
- الأمر مختلف فأنا لم أكن أعلم بشأنك طيلة السبعة عشر عاماً الماضية .. لكني بحق أشعر بالأسف لهذا ..!
- الأمر ذاته معي ..! حسناً إذاً .. تذوق الكعك الذي صنعته ..!
- لقد وصل لي طعمه من كلام الأطفال ..!
ضحك عندها و هو يقول : هم ليصدقوا أني من صنعتها .. لين كانت تقول بأنه يستحيل لرجل أن يصنع كعكة !!.. أنها تربط الأمر بالنساء فقط ..!
سألت عندها : متى صنعتها ؟!..
- بعد أن عدت من امتحاني .. من شدة سعادتي بنهاية تلك الفترة المرهقة دخلت إلى المطبخ و أعددت الكعك .. و حين انتهيت خرجت لأرى أن الأطفال قد عادوا من مدارسهم لذا قمت بدعوتهم ..!
- رائع .. و أين كيت ؟!.. غريب أن لا تكون هنا ..!
- لقد عادت من المدرسة مرهقةً و قالت بأنها ستنام .. حتى أنها تجاهلت دعوتي لها بشأن الكعك و هذا ما أذهلني ..! كانت تسير شبه نائمة !!..
- أجل .. أخبرني هاري هذا الصباح بأنها سهرت الليلة الماضية أمام التلفاز .. لكنه أجبرها على الذهاب للمدرسة مقابل دعوتها لمحل الحلويات في وقت لاحق ..!
- أنهما يتعاملان بالمصالح .. و هذا أمر غريب بالنسبة لأخوين ..!
- مع كيت كل مستحيل يتحقق ..!
اتجهت بعدها لطاولة الطعام الصغيرة التي كان عليها طبق فوقه كعكة ريك و فوقها غطاء بلاستيكي شفاف ..!
أخذت قطعة منها و تذوقتها : أنها مذهلة .. لن ألوم جماعة أقزام الحلوى على اعجابهم بها ..!
ضحك عندها بخفة و جلس على المقعد الآخر : ما هذا اللقب ؟!..
- انه يناسبهم حقاً ..! أما ليو و كيت فهما من جماعة الأطفال المشردين ..!
- يا إلهي .. أرجوا ألا يسمعك أحدهم ..! آه صحيح .. غريب أن ليو لم يأتي .. سمعت من لوسيان ان والده هنا ..!
- إنه في المدرسة .. لقد سبب مشكلة هناك و السيدة آنيا ذهبت لتفقده ..!
- هكذا إذاً .. أنه أمر طبيعي لمن في سنه ..!
- دعنا منه .. كيف جرى امتحان اليوم ؟!..
- لقد كان جيداً .. أخبرتني الآنسة هيلين بأنه يمكنني أن أبدأ بالحضور بدأً من الأسبوع القادم ..!
- هذا جيد .. أرجوا أن نكون في الصف ذاته ..!
- أنا أيضاً .. رغم أني لا اعتقد هذا ..! فغالباً ما يوضع كل من التوأمين في صف كي لا يسبب الشبه مشكلةً للمدرسين ..!
- هذا أمر سيء ..!
وقف عندها بحماس وهو يقول : حسناً .. أنا اليوم أريد ان أخرج من هذه الشقة بعد فترة الامتحانات المرهقة تلك .. لنخرج الآن ..!
ضحكت بخفة عندها : أنت متحمس أكثر مني إذاً .. حسناً لا بأس ..! أني أفكر في عدة أشياء يتعين علينا فعلها ..!
.................................................. ...
كنا نجلس سويةً في ذلك المطعم الصغير نتناول طعام الغداء الذي كان عبارةً عن وجبة سريعة لذيذة ..!
بدأنا الحديث اولاً عن المدرسة فأنا لم اتحدث لرايل بشأنها سوى قليلاً : أذاً أخبرني .. هل تعرفت لأحدهم ؟!..
ارشفت شيئاً من ذلك المشروب الغازي قبل أن أقول : حسناً .. طلاب صفي جميعهم لطيفون و هذا المهم .. رغم أن بعض الأولاد يمقتونني .. لكني معتاد على هذا منذ كنت في ثانوية مارسنلي ..!
باهتمام قال : أعتقد أنك ذكرت شيئاً عن رئيس الصف ..!
- آه إيثن .. أنه يعدني صديقاً ..!
- ماذا عنك ؟!.. أتعده صديقاً أنت الآخر ؟!..
- يمكنك أن تقول ذلك .. انه شخص لطيف و عاقل للغاية ..!
- أهناك شخص آخر ..!
- أجل .. ذلك المدعو ماكس الذي يعرفك .. أنه يناديني ريكايل طيلة وقت ..!
- متشوق لرؤيته .. لقد وضعت في رأسي عدة أشخاص قد يكون من بينهم ..!
- و هناك سام و هي طالبة من الصف الآخر .. أنها اجتماعية و ذات شخصية فولاذية ..!
- حقاً .. لقد عقدت صداقة مع الفتيات أذاً ..!
- ليس كما تعتقد .. لكنها صديقة لماكس و ايثن ..! آه صحيح .. هناك أيضاً ريا .. و هي فتاة رقيقة و لطيفة للغاية من طالبات السنة الأولى ..!
- هذا مثير .. لم اعتقد أنك تعرفت إلى هذا العدد ..!
- انهم اصدقاء منذ زمن .. و قد ضموني إلى مجموعتهم اجباراً .. لكني لا أواجه مشكلة في هذا ..!
تنهد براحة عندها : جيد أنك لم تواجه أية مشاكل ..!
قطبت حاجبي مستاءً : ليس كذلك .. هناك شخص يقف كالشوكة في حلقي !!..
باستنكار سأل : و من هذا أيضاً ؟!..
- رئيس هيئة الطلبة ..!
- يوجين ؟!!!..
كانت هذه ردة فعله بنبرة مستنكرة و متعجبة مما جعلني أصدم : أتعرفه ؟!..
أومأ إيجاباً : أجل .. لقد ساعدني في يومي الأول في الوصول لقاعة الامتحان .. كما اني التقي به كل يوم بعد امتحاناتي و كان يسألني عنها بلطف ..! أنه شخص رائع ..!
بانزعاج قلت : انه شيطان !!.. وهو لا يكف عن وصفي بالشيطان !!.. و طيلة الوقت يردد " ابتعد عن ريا .. لا تقترب من ريا " ..!
- هل ريا صديقته ؟!..
- لا .. إنها اخته الصغرى ..! لا أعلم كيف صارت هذه الحمل الوديع اختاً لذلك الشيطان المتعجرف !!..
باستغراب قال : هذا عجيب حقاً .. أنه لطيف جداً معي ..!
تذكرت حينها ما قاله يوجين ذلك اليوم حين سألني عن كون رايل أخي ..!
.
(( الهالة التي تحيط به لطيفة جداً مقارنة بالهالة التي تحيط بك ..! ))
.
انه يعتقد أن رايل لطيف لذا يعامله بلطف .. بينما يرى أني شيطان لذا يعاملني بشيطنة !!..
بضجر قلت : انسى امره الآن .. غداً لنذهب للمكتبة و ننسخ الدفاتر لك ..!
أومأ موافقاً دون أن يقول شيئاً ..!
تابعنا تناول طعامنا و حينها قال : آه صحيح .. خالتي ستصل اليوم من بلجيكا تمام الثالثة و النصف ..!
ابتسمت عندها : أعلم .. و لدي خطة أفاجئها بها ..!
.................................................. ...
كانت الساعة تشير للثانية و النصف حين انهينا طعام الغداء و بدأنا التجول في الشوارع ..!
اتصلت بهاتف كيت عدة مرات .. يبدو أنها لا تزال نائمة ..!
اتساءل إن كانت قد أكلت شيئاً ..!
سأل ريك عندها : أين نذهب الآن ؟!..
ترددت للحظات قبل أن أقول : هناك مكان أرغب بزيارته ..!
بدا عليه التعجب من ترددي لكني بعدها قلت : لنذهب للحديقة .. عند برج أيفل ..!
اتسعت عيناه بصدمة : أأنت جاد ؟!..
أومأت إيجاباً : أجل .. فقط قليلاً ..!
- و ان تعرف عليك احدهم ..!
- لن يعرفني أحد اطمئن .. هيا .. قليلاً فقط ..!
لم يبدو مقتنعاً لكنه قال : لابأس .. لكن احذر من ان يتعرف عليك احدهم ..!
أومأت ايجاباً بتردد .. لا أعلم لما قررت فجأة الذهاب لذلك المكان .. لكني اشعر بالحنين إليه بشكل ما ..!
لقد كنت احب هذه الحديقة .. أكثر من أي مكان في باريس .. أذهب اليها حين أريد أن أصفي ذهني .. أشجارها و هوائها النقي كانا يجددان نشاطي .. و منظر البرج و هو يخترق السحاب كان يسلب الأبصار ..!
لذا .. أرغب بزيارتها مجدداً الآن .. أكثر من أي شيء آخر ..!
.................................................. .......
وقفت في ذلك المكان أخيراً .. و ابتسمت بهدوء ..!
ربت رايل على كتفي : سنبقى قليلاً فقط ..!
اومأت موافقاً و أنا أقول : لنتجول الآن ..!
كنت قد وضعت قبعة معطفي على رأسي .. و الأمر ذاته من رايل حتى يخفف من امكانية التعرف ألينا ..!
سرنا لبعض الوقت بصمت .. و لا أخفي عليكم أنني رأيت عدة اشخاص أعرفهم لكني لا احفظ أسماءهم ..!
أكثر ما لفت نظري هو أنه هناك طلاب من مدرستي بزيها الرسمي ذاته .. هذا يعني أنه لم يتم إغلاقها ..!
- الجو بارد ..!
هكذا تمتمت ليقول أخي بابتسامة : ما رأيك بكوب قهوة ساخن ..!
بادلته تلك الابتسامة بهدوء : سيكون الأفضل بالتأكيد ..!
- حسناً .. لنذهب لذلك المقهى هناك ..!
- لا اريد أن نبقى في المقهى .. لنشتري القهوة و نخرج ..!
- أذاً سأذهب أنا و احضرها ..!
سار ناحية المقهى دون أن يسمع ردي .. بينما لحقت به و قررت أن انتظره في الخارج ..!
دخل بالفعل فوقفت أنا من جهة أخرى حيث كان بقربه محل فطائر بينهما زقاق صغير ..!
استندت إلى الجدار و وضعت يداي في جيبي كي اخفف من البرد ..!
لقد اعتقدت أني سأرى أحدهم هنا .. أي شخص منهم .. و ربما هذا ما دعاني للبقاء .. لكن يبدو أن لا احد من اصدقائي هنا ..!
هذا أفضل .. فأنا لا أريدهم أن يروني .. و لا أريدهم أن يروا إلى ما وصل حالي بعد تلك الثروة التي ضاعت ..!
فهم بالتأكيد لن يصدقوا أن وريث مارسنلي بات يعيش في شقة صغيرة .. يشاركه فيها اثنان من المجانين ككيت و ليو لسبب مجهول !!..
بل أن أكثر ما سيصدمهم هو ريكايل الذي اعتقدوا أني اعده لعبة من ألعابي !!..
تنهدت بتعب بعدها .. لا زال الطريق طويلاً حتى اعتاد على الأوضاع الجديدة التي بالكاد تمكنت من استيعابها ..!
- لـ .. لينك !!..
توترت للحظات .. من هذا ؟!..
طأطأت رأسي بخوف .. هناك شخص يقف بجانبي !!.. ليس ريكايل !!.. بل شخص آخر !!..
فتاة ؟!.. أجل كان صوت فتاة نادت باسمي بنبرة شك : أنه أنت .. مارسنلي أنه انت ..!
التفت لحظتها مفزوعاً لأجد أنها كانت تقف و تنظر إلي و يدها على قلبها ..!
نظرة قلق و خوف في عينيها البنيتين و قد شهقت حين رأت وجهي جيداً ..!